تصحيح الممصطلحات: الركوع

By mosaid · 26 Jun 2025, 12:23 · 7 views

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله تعالى :

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَـٰنًا لِّكُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (النحل 89)

لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُو۟لِى ٱلْأَلْبَـٰبِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (يوسف 111)

وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَـٰهُ ءَايَـٰتٍۭ بَيِّنَـٰتٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يُرِيدُ (الحج 16)

يبدأ طريق البحث عن الحقيقة من الإعتقاد بحق بهذه الآيات وتصديقها، وجعلها نواة كل فهم وجوهر كل بحث، فالمصدق لهذه الآيات ينفي بكل بساطة أي شيء خارج القرآن.

نبدأ إن شاء الله بحثنا في القرآن عن كلمات (ركع، راكع، ركوع)

من الآية الأولى:

وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرْكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ (البقرة 43)

يفرق الله بين الصلاة والركوع، ونحن نعلم أن كلام الله ليس به حشو وركاكة، لو كان الركوع جزءا من الصلاة لما زادت الآية ذكر الركوع بعد الصلاة

وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِـۧمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِـۧمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْعَـٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ (البقرة 125)

سيقول لنا التراثيون أن الركوع جزء من الصلاة منذ أيام إبراهيم، لكننا نرى أن اليهود والنصارى لا يسجدون سجودنا ولا ركوعنا ألم تكن رسلهم تأتيهم بملة إبراهيم وذلك بنص القرآن؟

أم أن الركوع شيء آخر، أما السجود فانتهينا منه في مقال سابق وبينا بوضوح أن السجود يعني الخضوع.

يَـٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِى وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ (آل عمران 43)

اركعي مع الراكعين، ليس إذهبي أيتها الطاهرة العفيفة إلى صفوف الرجال فانضمي لهم في ركوعهم، هذا إن سلمنا أن بني إسرائيل كانوا يركعون ركوعنا

يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱرْكَعُوا۟ وَٱسْجُدُوا۟ وَٱعْبُدُوا۟ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُوا۟ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (الحج 77)

في ذهن من صحح هذه الكمات، هذه الآية واضحة وضوح الشمس، فهي تأمر بأمور عميقة ولها أبعاد أخلاقية وتشمل جميع أحوال الإنسان، وتشكل نمط حياته بالكامل، وما أعظمها من آية لو طبَّقها الإنسان

لكنها في المقابل في عقل التراثي، تأمر بحركات لا تنفع ولا تأثير أخلاقي وسلوكي لها. كما يظهر الواقع المعاش

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ ۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَىٰهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنًا ۖ سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِى ٱلْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًۢا (الفتح 29)

سنعود إن شاء الله لهذه الآية بعد أن نتعرف على معنى الركوع، كما فعلنا بعد أن عرفنا معنى السجود

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُوا۟ لَا يَرْكَعُونَ (77-المرسلات 48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (77-المرسلات 49) فَبِأَىِّ حَدِيثٍۭ بَعْدَهُۥ يُؤْمِنُونَ (77-المرسلات 50)

هذه الآيات من سورة المرسلات، المكية، تدعو الكافرين إلى الركوع وليس إلى الصلاة، تدعو مشركي مكة الذين يحاربون الرسول والقلة الذين أسلموا معه، في بدايات العهد المكي، فهل يستقيم أن نتوهم أن الله يدعوهم لتلك الحركة، أم أن الركوع شيئ آخر

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَٰكِعُونَ (المائدة 55)

وهنا نأتي إلى الآية المفتاحية التي ستوضح معنى الركوع، يقيمون الصلاة شيء، ويؤتون الزكاة شيء آخر، ومن صفاتهم وهم يؤتون الزكات أنهم يؤتونها وهم راكعون، الركوع صفة وليس حركة، سواء أفهمنا الزكاة فهما تراثيا وهو إعكاء زكاة الأموال، أو فهمنا الزكاة الفهم القرآني وهو أعمق، فالمعنى هو إتيان الزكاة بكل تواضع وخضوع.

الركوع هو التواضع لأمر الله وعدم التكبر عليه، وهو معنى بلاشك فيه شيء من معنى السجود أي الخضوع، لكنهما مختلفان

هناك من يسجد(يخضع) لطاغية من الطواغيت كرها ويخفي في صدره العصيان لكن من يركع (يتواضع) فهو يقوم بالفعل بوعي واختيار

بالنسبة للكفار بصفة عامة و كفار قريش بصفة خاصة:

وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْءَانُ لَا يَسْجُدُونَ ۩ (الإنشقاق 21) لا يخضعون لأوامر القرآن

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُوا۟ لَا يَرْكَعُونَ (77-المرسلات 48) لا يتواضعون للقرآن، ويتكبرون على أوامره ويعصونه بملىء إرادتهم

أما أتباع رسول الله فهم تَرَىٰهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا خاضعون متواضعون لأمر الله ورسوله.

يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱرْكَعُوا۟ وَٱسْجُدُوا۟ وَٱعْبُدُوا۟ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُوا۟ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (الحج 77)

يا ايها الذين آمنوا، تواضعوا لله، واخضعوا لأوامره واتبعوه وافعلوا الخير لعلكم تفلحون،

أنظروا مقدار الجريمة والجناية على كلمات الله التي أسس لها إبليس وأتباعه. كيف يحرفون الكلم من بعد مواضعه.

الركوع: تواضع السجود: خضوع العبادة : إتباع

ولك أن تسقط هذا المفهوم على باقي الآيات، وتذكر أخي الكريم أن القرآن نزل للناس بلسانهم ولم يغير معنى الكلمات أبدا وإلا لما خضعت له قريش والعرب بعدهم كلما قال لك أحد الشيوخ طويلي اللحية، الركوع لغة التواضع واصطلاحا هو ثني الظهر، فقل له، لأول مرة سمع أبو جهل وأبو بكر أمر الله بالركوع، هل فهموا المعنى لغويا أم سألوا عن المعنى الإصطلاحي