درس: الصلاة - الجزء الأول
By mosaid · 03 Jul 2025, 19:21 · 51 views
● بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين
وصلنا أخيرا وليس آخرا إن شاء الله إلى درس الصلاة، ولمنزلة الصلاة في ذهن المسلم اليوم، التي جعلها التراث السلفي عماد الدين، قبل الخوض فيه لابد من وضع الأرضية الصحيحة لدراسة موضوع الصلاة
أولا لابد من هدم التصور التراثي للقرآن الكريم، وإلا فلن نصل إلى أية نتيجة.
أول شبهة شيطانية يأتي بها إبليس وأتباعه ( بعلم أو بغير علم ) هي أن القرآن ليس مفصلا، بل بذكر العموم والسنة تفصل
يقول الله تعالى:
★ وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَـٰبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ • ( يونس آية 37 )
★ لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُو۟لِى ٱلْأَلْبَـٰبِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ • ( يوسف آية 111 )
★ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَـٰبَ مُفَصَّلًا ۚ وَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُۥ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ • ( الأنعام آية 114 )
★ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓر ۚ كِتَـٰبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَـٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ • ( هود آية 1 )
★ كِتَـٰبٌ فُصِّلَتْ ءَايَـٰتُهُۥ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ • ( فصلت آية 3 )
● إذن شبهة أن القرآن لا يفصل شيءا ، هي شبهة باطلة كاذبة، يقولون بكل جهل أنتم يا منكروا السنة أين هي تفاصيل الصلاة في القرآن، ما هو مقدار الزكاة
فكيف تجيب هؤلاء القوم، إنهم يكذبون القرآن ويظنون أنهم مصدقون،
ولأن موضوع الصلاة حساس أكثر مما ينبغي في عقول المسلمين اليوم، سأضطر لجعله درسين في درس واحد،
وهو درس أن القرآن كامل وبين ومبين ومفصل ومحكم ونور مبين،
وهذا موضوع يحتاج حقيقة عدة دروس مطولة، لتعريف معنى أحكمت آياته، وما هي الآيات المحكمات، وما هي المتشابهات، وكيف نتعامل معها،
وصدقوني إن تحريف إبليس لمعاني كلمات القرآن عميق جدا جدا أكثر مما تتصورون، ولا يشعر به إلا من تدبر القرآن، أما التراثيون فيسبحون في بحر الآمان، يعتقدون إعتقادا سطحيا أن الله نزل الذكر وهو له حافظ وانتهى، وهم أول مزورين للذكر،
والمجتمع النبوي عندهم مجتمع يملأه الإيمان والمحبة وكلهم بقلب علي بن أبي طالب. بل حتى إبليس العدو المبين كما وصفه الله تعالى، أصبح ناصحا أمينا لأبي هريرة ينصحه بقرآءة آية الكرسي، ويخاف من عمر، آه لو تكلمنا عن عمر، لو بحثنا المرويات عنه لشككنا أنه هو الرسول، أو هو ملك يمشي بين الناس، بل في حالات ينطق بآيات قبل أن تنزل.
إن إبليس وجنوده بدأوا بتحريف القرآن والرسول بين أظهرهم ...
لكي لا نتشعب في موضوعات السنة والصحابة وهو موضوع ذو شجون، نعود لموضوعنا
القرآن كامل ومفصل وتبيان لكل شيء،
★ وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ءَايَـٰتٍۭ بَيِّنَـٰتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلَّا ٱلْفَـٰسِقُونَ • ( البقرة آية 99 )
★ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَـٰنًا لِّكُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ • ( النحل آية 89 )
★ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ ۙ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِىٓ أَنْ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلْقَآئِ نَفْسِىٓ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ • ( يونس آية 15 )
★ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَـٰهُ ءَايَـٰتٍۭ بَيِّنَـٰتٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يُرِيدُ • ( الحج آية 16 )
★ لَّقَدْ أَنزَلْنَآ ءَايَـٰتٍ مُّبَيِّنَـٰتٍ ۚ وَٱللَّهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ • ( النور آية 46 )
● تكرر وصف القرآن الكريم بأنه آيات بينات ما يقارب الخمسين مرة، ثم يأتي الشيخ التراثي ليقول لنا أن القرآن غير بين
القرآن يفصل أحكام الطلاق في بضع عشر آية
القرآن يفصل أحكام البيع والشراء في أطول آية في القرآن ( البقرة 282 )
القرآن يعلمنا أمورا يستطيع المجتمع الإنساني أن يفعلها بشكل طبيعي كالتفسح في المجالس
القرآن يعلمنا كيف نتعامل مع الأطفال في سن المراهقة، لكي يستأذنوا قبل الدخول على آباءهم.
القرآن يعلمنا كيف ننظف أنفسنا. يفصل في الوسيلة ويترك الغاية، يعلمنا الغسل للصلاة ولا يعلمنا كيفية الصلاة
صراحة ، العقل السليم ، بعد هذه المقدمة يستطيع أن يستشعر أن هناك خلل ما، هذا إن صدقت القرآن فيما وصف نفسه به، أنه مفصل وبين ونور وهدى،
هذا إن فكرت بتأن ، كيف يعلمنا الله هذه الأمور البسيطة، ويترك "أهم شيء" حسب التراث ، وبالمناسبة الصلاة ليست أهم شيء في كتاب الله وهذا موضوع آخر هو الغايات في القرآن التي نعرفها بكلمة " لعلكم" مثل لعلكم تشكرون. كيف يعلمنا الله كيف نغسل أنفسنا، ولا يعلمنا الصلاة في كتابه. وهو سبحانه وتعالى يعلم أن المنافقين واليهود وبني أمية وبني العباس سيغيرون وسيحرفون الدين ، بل أوحى إلى رسوله الكريم أنهم بالفعل يحرفون الكلم من بعد مواضعه. ثم تظن أنه سبحانه سيترك جزءا من الدين لهؤلاء، وسيقول لهم الرسول صلوا كما رأيتموني أصلي؟
الله لم يترك صغيرة ولا كبيرة في الدين إلا ذكرها في القرآن، هذا ما أعتقد به.
صدقني أخي الكريم، لو شعرت ببعض الشك في هذا الصرح العظيم "الصلاة" كما نعرفها، فلا تخف، ولا تستعظمه، لن يتهدم دينك إن فعلت. بالعكس، شكك هذا هو إتباع لطريق الحق، وهو التصديق الفعلي لهذا الكتاب العظيم.
شخصيا أثناء بحثي عن الحقيقة، مررت من هذه المرحلة، وهي مرحلة الشك الديكارتي في كل شيء، ونبذ كل ما سوى القرآن، إنه أمر صعب بلا شك، خصوصا لأولئك الذين أشربوا في قلوبهم عجل التراث، المتخصصون في علوم العقيدة، خريجوا الجامعات في علوم الفقه، أساتذة التربية الإسلامية....، هذا العلم الشيطاني يورث عجرفة ( ولو كانت خفية ) ، أنك أعلم من غيرك، أنك على الطريق المستقيم والآخرون على ضلال،
أما نحن الناس البسطاء، برحمة من الله، لم يكن التراث ذا شأن عندي، لم أكن أعظم الصحابة تعظيما يكاد يكون عبادة، لم يكن وجهي يحمر غضبا إن سب أحدهم خصوصا الظلمة منهم مثل معاوية. لهذا برحمة من الله لم تكن وطأة التراث علي كبيرة، وبيسر يمكنني التخلص من الفاسد فيه، والإبقاء على الصالح.
وضعت لنفسي تجربة ذهنية أضعها أمامك أيها القارئ الكريم:
تخيل معي أن هناك جزيرة معزولة تماما عن العالم، لم يسمع سكانها أبدا عن الإسلام أو المسلمين، لك أن تتخيل أنهم غرباء عن كوكب الأرض إن شئت حتى، ثم أتيتهم بالقرآن فقط، بالطبع سنفترض أنهم يستطيعون فهم معانيه وقراءته.
وهنا السؤال الصعب، وامتحان القلوب، وما أعظمه من إمتحان، يضع اليد على الجرح مباشرة:
بإعطائك لهؤلاء الغرباء القرآن فقط، هل بلغت الرسالة الإلهية كاملة أم لا؟
حسب جوابك ستعرف منزلة القرآن في قلبك، إنه إمتحان خطير بالفعل، لأن الجواب عليه هو نقطة الفصل،
إن قلت أن رسالة الله كلها في القرآن، وأنه كامل كما وصفه الله تعالى، فهنيئا لك، حتى لو لم أكمل الدرس في شقه الثاني عن الصلاة، فستبحث بنفسك، وستجد أن نور الله كامل ظاهر وأتمه الله تعالى، وستكتشف القرآن من جديد وستبدأ رحلتك مع القرآن الكريم
أما إن كان جوابك أن سكان تلك الجزيرة لم يكفهم القرآن ، فلن ينفعك ألف دليل ودليل على ما نقول، سترانا قوما جاهلين، هم أقرب للكفر منهم لللإيمان، سترانا شر خلق الله، نحاول هدم دين الله، وسترانا عدوا لسنة رسول الله. فذلك شأنك. والله يهدي من يشاء.
★ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَـٰهُ ءَايَـٰتٍۭ بَيِّنَـٰتٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يُرِيدُ • ( الحج آية 16 )
موعدنا الدرس المقبل في تفصيل وتدبر معاني الصلاة القرآنية، إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته