درس: الإيمان الجزء الثاني
========================================================================
● بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
إن المتدبر لكتاب الله يجد بلا شك أن إبليس وجنوده لم يتركوا كلمة إلا وحرفوها عن معناها. وكلمة الإيمان هي كذلك من الكلمات التي شوهها إبليس في لغتنا. لكن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، مهما حاول إبليس وجنوده تحريف كلماته، بالرجوع إلى الأصل وهو القرآن الكريم نستطيع تصحيح معاني الكلمات والعودة إلى المعنى الأصيل.
الإيمان في لغتنا هو التصديق والإعتقاد بالله. وكذا في جميع التفاسير وللأسف الشديد في الترجمات القرآنية كذلك.
في هذا الدرس إن شاء الله سننسف هذا المعنى ونكتسف المعنى الحقيقي لكلمة آمن.
وسيكون هذا المعنى صادما جدا لنا معشر المسلمين وخصوصا السلفيين أصحاب اللحى الطويلة، ولكن ماذا نفعل برأيكم، هل نترك تحريف إبليس دون تصحيح خوفا من الناس، سنكون ملعونين إذا.
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِنۢ بَعْدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِى ٱلْكِتَـٰبِ ۙ أُو۟لَـٰٓئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ ( البقرة 159 )
نبدأ بحول الله
أولا في القرآن الكريم لا وجود لكلمة إعتقد.
أما كللمة العقيدة، فهي صنيعة شيطانية مجرد إستعمالها يورث تكبرا وغطرسة، أنا عقيدتي هي عقيدة أهل السنة والجماعة، أنا عقيدتي أشعرية... أما الكلمة الربانية فسبحان الله، على الرغم من تحريف معناها في العقل المسلم، إلا أنها تورث تواضعا، فعندما تسأل أحدهم هل أنت مؤمن، يقول لك والله يا أخي إيماننا ضعيف ونسأل الله المغفرة.
لكن كلمة صدّقَ موجودة بكثرة،
جاءت كلمة مُصَدِّقٌ 21 مرة في القرآن الكريم بالمعنى الذي نعرفه أي غير مكذب. كما ورد الجذر صدق وتصدق والصدقات... في معنى إعطاء الأموال. وهو معنى خارج موضوعنا.
★ وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ • ( المعارج آية 26 )
★ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ • وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ • وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلْأُنثَىٰٓ • إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ • فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ • وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ • فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلْيُسْرَىٰ • وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ • وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ • فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلْعُسْرَىٰ • ( الليل الآيات 1-10 )
★ وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَٰنَ ٱلَّتِىٓ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَـٰنِتِينَ • ( التحريم آية 12 )
★ نَحْنُ خَلَقْنَـٰكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ • ( الواقعة آية 57 )
★ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ • يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ • أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَـٰمًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ • ( الصافات الآيات 51-53 )
● في كل هذه الآيات جاءت كلمة صَدَّقَ بمعنى إعتقد أي ضد كَذَّبَ.
سنبين إن شاء الله أن كلمة آمن غير مرادفة لكلمة صدَّق. فلا علاقة بينهما.
● سنعتمد على قواعد اللسان العربي ثم بعد ذلك سنرى هل المعنى يستقيم مع الآيات أم لا.
فعل آمن هو فعل رباعي في الأصل هو أأمن.
سنأخذ هذه الأفعال الثلاثية:
فَرِحَ، سَعِدَ، حَزِنَ، طَعِمَ، تَعِبَ.
فَرِحَ زيد
سَعِد زيد
طَعِمَ زيد
تَعِبَ زيد
كلها أفعال ثلاثية لازمة، يعود تأثيرها على فاعلها.
لكن إذا أضفنا لها همزة التعدي
أَفْرَحَ، أَسْعَدَ، أحزن، أطعم، أتعب.
أَفْرَحَ زَيدٌ عَمْرا
أَسْعَدَ زَيدٌ عَمْرا
أَحْزَنَ زَيدٌ عَمْرا
أَطْعَمَ زَيدٌ عَمْرا
أَتْعَبَ زَيدٌ عَمْرا
تصبح أفعالها متعدية يسقط تأثيرها على المفعول وليس على الفاعل.
وكلها فيها معنى إعطاء الشيء للآخر
فالذي يُطْعِمُ الناس يعطيهم الطعام
والذي يُفرِحُ و يُسْعِدُ يعطي السعادة والفرح.
وهكذا
نعود لفعل أَأْمَنَ، الفعل الرباعي للفعل الثلاثي أَمِنَ
هل توقَّعتم المعنى.
أَمِنَ زيد نفسه في بيته.
أي شعر بالأمان في بيته.
فهل نجد الفعل الثلاثي أَمِنَ في القرآن.
★ ءَأَمِنتُم مَّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلْأَرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ • أَمْ أَمِنتُم مَّن فِى ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ • ( الملك الآيات 16-17 )
★ وَأَتِمُّوا۟ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا۟ رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُۥ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِۦٓ أَذًى مِّن رَّأْسِهِۦ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ فِى ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُۥ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ • ( البقرة آية 196 )
★ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبْرَٰهِـۧمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِـۧمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْعَـٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ • ( البقرة آية 125 )
★ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا۟ تَعْلَمُونَ • ( البقرة آية 239 )
★ وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا۟ كَاتِبًا فَرِهَـٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ ۖ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِى ٱؤْتُمِنَ أَمَـٰنَتَهُۥ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ ۗ وَلَا تَكْتُمُوا۟ ٱلشَّهَـٰدَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُۥٓ ءَاثِمٌ قَلْبُهُۥ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ • ( البقرة آية 283 )
★ سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا۟ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوٓا۟ إِلَى ٱلْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا۟ فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوٓا۟ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓا۟ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُو۟لَـٰٓئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنًا مُّبِينًا • ( النساء آية 91 )
● فعل أَمِنَ الثلاثي ومصدره أَمْنٌ يوجد بكثرة في القرآن وهو ضد الخوف. في جميع الآيات السابقة
نعود للأفعال الثلاثية السابقة
فَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحَا
سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْدا وسعادة
حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَنا
طَعِمَ يَطْعَمُ طَعْمَا وطعاما
تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَبَا
أَمِنَ يَأْمَنُ أَمْنَا
سنقوم بالشيء نفسه لنحدد مصادر الأفعال الرباعية المتعدية
أَفْرَحَ يُفْرِحُ إفْراحا
أَسْعَدَ يُسْعِدُ إسعادا
أَحزن يُحْزِنُ إحزانا
أَطْعَمَ يُطْعِمُ إطعاما
أَ أْمن ( آمَنَ ) يُؤْمِنُ إِءْمانا ( إيمانا )
الإيمان يا إخوتي هو منح الأمان للناس. هذا هو المعنى الحقيقي ولا علاقة له بالتصديق بالله أو بوجود الله.
قد يعتقد المرء أن كلمات القرآن لها معناها الخاص بها، وأن القرآن غَيَّر معنى كلمات مثل الإيمان والزكاة والصلاة عما كان متداولا بين قريش، نقول هذا إفتراء على القرآن. ولو كان ذلك كذلك لكان القرشيون أول من إعترض عليه ولاعتبروه لحنا في القول.
إذا إن ثقنا في قواعد اللسان العربي فإن الإيمان هو مصدر الفعل الرباعي آمن بمعنى منح الأمان.
وقد يقول قائل هذا هو المعنى اللغوي وهناك المعنى الإصطلاحي، نقول ليس هناك معنى لغوي وإصطلاحي وإنما هي إنتاجات فكرية إبليسية ليزيد من تحريفه للكلمات، فهل يُعقل أن القرشيين لما سمعوا القرآن لأول مرة قال لهم رسول الله لا تخافوا، أدعوكم للإيمان ليس بمعنى منح الأمان للناس بل بمعنى أن تصدقوا ان الله موجود والملائكة موجودين والكتب واليوم الآخر.
أو أن اصحاب النبي كانوا كلما سمعوا آية تبادر إلى ذهنهم المعنى اللغوي والإصطلاحي، هذا لا يقول به عاقل، بل إن القرآن نزل بلسان القوم.
ولا تنسوا أن القرآن دقيق في إستعمال المفردات، فالتصديق بيوم الدين كمعنى جاء في القرآن : وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ ( المعارج 26 )
وهناك الإيمان باليوم الآخر. وهذا معنى مخالف.
وسنعود إن شاء الله لحرف الجر "ب" حين يتبع الإيمان
نأتي الآن إلى بعض الآيات المفتاحية التي تبين هذا المعنى لفعل آمن. قبل أن نسقطه على باقي الآيات.
★ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ لِإِيلَـٰفِ قُرَيْشٍ • إِۦلَـٰفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ • فَلْيَعْبُدُوا۟ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ • ٱلَّذِىٓ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍۭ • ( قريش الآيات 1-4 )
● آمنهم من خوف أي أعطاهم ومنحهم الأمان
★ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ • ( الحشر آية 23 )
● من أسماء الله سبحانه وتعالى المؤمن، فلا يتبادر إلى ذننا أنه بمعنى المصدق ، بل الذي يمنح الأمان لمخلوقاته. فنحن آمنون في هذا الكون الفسيح.
★ قَالُوا۟ يَـٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ ۖ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَـٰدِقِينَ • ( يوسف آية 17 )
● لايعقل أن تفهم الآية لن تُصَدِّقنا لو كنا صادقين، ولكن قد يستقيم المعنى إن قلنا ولن تأمنا مرة أخرى ولو كنا صادقين، ستكون دائما شاكا في أمرنا ،
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا۟ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓا۟ أَنُؤْمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُ ۗ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ ( البقرة 13 )
لا يُعقل أن الله ورسوله أن يطلب منهم الإعتقاد كما يعتقد الناس، فالله وحده يعلم الصادق من الكاذب والمنافق، والإعتقاد مسألة شخصية لا يمكن إستنساخها، فكل واحد له تجربته الشخصية. إلا إذا اعتبرنا الإيمان عملا إجتماعيا. يظهر جليا في المجتمع، ويمكن التعرف على المؤمن وغير المؤمن. ومن هنا يسهل جدا فهم آيات مثل من يقتل مؤمنا. فكيف نعرف إيمانه إن كان شيءا قلبيا باطنيا. والكثير من الآيات الأخرى كنكاح المؤمنة ،
★ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَـٰنَهُۥٓ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّىَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَـٰذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُۥ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ • يَـٰقَوْمِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَـٰهِرِينَ فِى ٱلْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ • وَقَالَ ٱلَّذِىٓ ءَامَنَ يَـٰقَوْمِ إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ ٱلْأَحْزَابِ • مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعْدِهِمْ ۚ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ • وَيَـٰقَوْمِ إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ • يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۗ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍ • وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُم بِهِۦ ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعْدِهِۦ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ • ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِىٓ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ أَتَىٰهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ • وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَـٰهَـٰمَـٰنُ ٱبْنِ لِى صَرْحًا لَّعَلِّىٓ أَبْلُغُ ٱلْأَسْبَـٰبَ • أَسْبَـٰبَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰٓ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّى لَأَظُنُّهُۥ كَـٰذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِى تَبَابٍ • وَقَالَ ٱلَّذِىٓ ءَامَنَ يَـٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ • يَـٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا مَتَـٰعٌ وَإِنَّ ٱلْـَٔاخِرَةَ هِىَ دَارُ ٱلْقَرَارِ • مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰٓ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَـٰلِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ • وَيَـٰقَوْمِ مَا لِىٓ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدْعُونَنِىٓ إِلَى ٱلنَّارِ • تَدْعُونَنِى لِأَكْفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِۦ مَا لَيْسَ لِى بِهِۦ عِلْمٌ وَأَنَا۠ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّـٰرِ • لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِىٓ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُۥ دَعْوَةٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلَا فِى ٱلْـَٔاخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ • فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِىٓ إِلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌۢ بِٱلْعِبَادِ • فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُوا۟ ۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرْعَوْنَ سُوٓءُ ٱلْعَذَابِ • ( غافر الآيات 28-45 )
● هذه الآيات الكريمة لو تدبرناها بحق لطرحنا السؤال التالي : كيف يكتم إيمانه وهو يذكر الله 17 مرة ويذكر اليوم الآخر ويثني على الله العزيز الغفار. لو كان الإيمان بمعنى الإعتقاد فإنه لم يخفه ولم يكتمه. من الواضح أن هذا الرجل من علية القوم. من المصريين ذوي النفوذ وليس من بني إسرائيل الذين كانوا عبيدا أو من العامة. لأنه جهر بعقيدة التوحيد مخاطبا المصريين من النخبة مثله أو ربما مخاطبا فرعون نفسه.
فما هو الإيمان الذي يكتم. إنه ببساطة إعطاء الأمان لأتباع النبي موسى عليه السلام. أما غيره من علية القوم من ملإ فرعون فلم يعطوهم الأمان ولم يكونوا مؤمنين.
الإيمان يا إخواني فعل إجتماعي ولا علاقة له بالإعتقاد الذي يكمن في القلب ولا يطلع عليه أحد
وأخيرا سنورد حديثا نبويا أفلت لبني أمية ولم يطمسوه، نورده على سبيل الإستئناس فقط بل نحن في منهجنا لا نحتاج لما سوى القرآن لتدبر القرآن.
يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام.
- ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : فضالة بن عبيد | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 23967
| التخريج : أخرجه الترمذي ( 1621 ) مختصرا، وأحمد ( 23967 ) واللفظ له
● نأتي إلى الآيات الكثيرة جدا مثل
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِى نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلًۢا بَعِيدًا ( النساء 136 )
وهنا يسهل فهم الآية، فكيف يطلب الله من الذين آمنوا أن يؤمنوا، هل يطلب منهم الله سبحانه مزيدا من الإيمان.
بل هنا يقول لهم الله يا أيها الذين منحوا الأمان للناس بأي سبب من الأسباب، بسبب أخلاقهم العالية، بسبب النخوة العربية والقبلية، بسبب الخوف من نتائج عدم منح الأمان... إلى آخره من الأسباب، يقول لهم الله تعالى، إمنحوا الناس الأمنان بي، مستعينين بي وبرسالتي، ومستعينين بالكتب التي أنزلت، وخوفا من اليوم الآخر
يمكن إسقاط هذه الآية على عصرنا. من يمنح الأمان للناس ( يؤمن الناس ) بسبب القانون، أو الشرطة والدولة وغيرها قد لا يكون هذا الأمان على قاعدة متينة، ورأينا حالات في الغرب عندما تتعطل القوانين في الثورات أو المظاهرات يكون الإعتداء على الناس من هؤلاء الذين كانوا مؤمنين من قبل، لكن من كان يؤمن ( الناس ) بالله ( بسبب الله، مستعينا بالله ) وخوفا من اليوم الآخر. فلن يتزعزع هذا الإيمان ولن يتعطل بسبب إنعدام القانون أو رقابة الشرطة
وأخير أحب أن أنوه أن هذا الفهم لمعنى الإيمان أخذته من فيديوهات المهندس خالد السيد حسن، الذي إستفاض في هذا الموضوع في فيديوهات عديدة ويرد على كل الآيات بالتفصيل في قناته :
https://www.youtube.com/@KhaledAlsayedHasan
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تجد هنا مزيدا من الدروس القرآنية —