طريقة تدبر القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين طريقة تدبر القرآن القرآن فيه ثلاثة أنواع من الآيات 1- الآيات البينات: وتكون واضحة المعنى لا يشك في معناها أحد مهما كان مستواه العلمي أمثلة قل هو الله أحد حرمت عليكم أمهاتكم.... وهذه الآيات هي أغلب القرآن

2- الآيات المحكمة : وهي آيات يُعرف معناها منها نفسها دون الحاجة إلى البحث عن آيات أخرى توضح المعنى امثلة

إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلْأَنْعَـٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَـٰدِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَىٰهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَـٰهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْـَٔايَـٰتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (يونس 24)

هذه الآية تحمل معنى كاملا، تستطيع أن تحيط به منها دون غيرها

الآيات المحكمات هن أم الكتاب، أي فيها الأمور الرئيسية في الكتاب التي لا اختلاف فيها، كالبعث والجزاء واليوم الآخر....

3- الآيات المتشابهة، وهي آيات قد يتشابه علينا معناها، أي يخفى ولا يتضح لنا، هذه الآيات دائما وأبدا تستطيع أن تجد الآيات التي تحكمها. عندما تجمع الآية المحكمة مع المتشابهة، تصبح المتشابهة محكمة كذلك، لذلك قال الله تعالى

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓر ۚ كِتَـٰبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَـٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (هود 1)

مثال 1

قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (الأحقاف 9)

أخذ التراثيون عباد الرجال هذه الآية وقالوا أنه لا يدخل الجنة أحد بعمله، حتى رسول الله وجاءوا بهذا المقطع "لا أدري ما يفعل بي ولا بكم"

ولاحظوا أن جميع الأحاديث في البخاري تأتي بجزء صغير من الآية، وأبحثوا إن كنتم لا تصدقوني، وأنا على يقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ذلك أبدا على الأقل من باب ترسيخ الآية كاملة في قلوب الناس فيسمعها لهم كاملة... نعود

لكي نجد الآية المحكمة للآية موضوع البحث، يمكن البحث عن آية أخرى لها نفس السياق، وأغلب الأحيان يكفيك فقط أن تبحث عن مفردات مشابهة لمفردات الآية. مثلا نبحث عن "إن أتبع" فنجد

{قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (الأنعام 50)

قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (الأحقاف 9)

إذن لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في مكان تم تفصيله بمعنى لا أعلم الغيب في مكان آخر.

بالطبع في أمثال هذه التفاسير الشاذة، على الإنسان أن يستحضر دائما القرآن في مجمله، والآيات المحكمات. كيف تجد في القرآن عشرات العشرات من الآيات التي تقول أن الجزاء يوم القيامة مقابل العمل، ثم نلغيها بسبب فهم خاطئ بآية واحدة.

مثلا حرية الإعتقاد لا شك فيها بسبب عشرات الآيات مثل لا إكراه في الدين. وبالتالي فإن كل فهم للقرآن يلغي هذا المعنى فهو خاطئ.

مثال آخر للمتشابه

هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِىَ بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَـٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِىٓ إِيمَـٰنِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ (الأنعام 158)

هذه الآية استغلها عباد التراث فدخلوا في متاهات التجسيد ونزول الله وكيف ينزل وغيرها من الخزعبلات.

لكن إذا أضفنا إليها آية أخرى

هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبِّكَ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (النحل 33)

إذا : جاء ربك هو بمعنى جاء أمر ربك.

وأمثال هذا كثير جدا في القرآن الكريم.

إذا فطريقة تدبر القرآن هي قرآءة الآية، إن لم تكن بينة ولا محكمة، إقرأها مع سياقها، بضع آيات قبلها وبعدها، ثم إبحث عن الآيات المشابهة لها، وهذا هو التدبر، تدبر الشيء هو اتيانه من خلفه أو منتهاه، تدبر القرآن هو البحث فيه من البداية إلى النهاية،

بالطبع المحكم والمتشابه يتغبر مع الزمن، فمثلا :

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓمٓ (البقرة 1) ذَٰلِكَ ٱلْكِتَـٰبُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (البقرة 2) ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ (البقرة 3)

كانت واضحة وضوح الشمس أيام النبي، فقد كان يقيم للناس الصلاة وبالتالي يعرفون ما هي الصلاة، ويعرفون ما هي التقوى، لكن في عصرنا هذا تشابه الأمر علينا بسبب تحريف إبليس لمعاني كلمات القرآن، فلم نعد نعرف ما هي الصلاة وما هي التقوى وما هو الإيمان، لكن الله سبحانه وتعالى وصف كتابه بأنه بين ومفصل وعلينا أن نصدقه، فكل ما عليك فعله هو تتبع الجذر أأمن، صلى، .... والبحث بجدية وستجد القرآن بينا. ومع ملازمة القرآن وتدارسه تبدأ في إكتشاف طرق أخرى لفهمه، كجمع الكلمات وأضدادها ، و معرفه غاياته الكبرى ... إلخ كالتقوى في مقابل العدوان، الكفر مقابل الشكر....

وأخيرا، أنصحكم إحواني لا تخافوا من تفسير القرآن لأنفسكم وأبنائكم وأزواجكم... فالشيطان إستغل طيبوبتنا ليبعدنا عن القرآن مخافة تفسيره بشكل خاطئ، لا تخف أبدا من فهم الكلمات على ظاهرها، حتى يعلمك الله أسرار القرآن ويفتح عليك أبوابه

لكن أهم شيئ هو صفاء النية، والبحث الجاد عن الحق، من جاء القرآن متوا ضعا لله، باحثا عنه سيجده وسيسهل عليه الله الطريق، هذا وعد من الله سبحانه وتعالى ، فكل ما عليك هو أن تثق في الله، وتصدقه.

وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُوا۟ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ (العنكبوت 69) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (القمر 17) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (القمر 22) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (القمر 32) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (القمر 40)

لكن من جاءه بقلب مريض متعجرف، أو جاءه ليستعمله كسلاح ليعزز رأي مذهبه أو شيخه، وليس طمعا في المعرفة والتقرب من الله، فسيكون القرآن عليه عمى، وسيزيده ضلالا.

وَلَوْ جَعَلْنَـٰهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا۟ لَوْلَا فُصِّلَتْ ءَايَـٰتُهُۥٓ ۖ ءَا۬عْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ هُدًى وَشِفَآءٌ ۖ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍۭ بَعِيدٍ (فصلت 44)

وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (الإسراء 82)

لا يزيد الظالمين إلا خسارا.

تجد   هنا   مزيدا من الدروس القرآنية —