درس: الكفر
★ ٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌۢ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِى ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَوْلَـٰدِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَـٰمًا ۖ وَفِى ٱلْـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ ۚ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِ ( 20 ) • ( الحديد آية 20 )
★ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَوَلَّوْا۟ قَوْمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا۟ مِنَ ٱلْـَٔاخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْقُبُورِ ( 13 ) • ( الممتحنة آية 13 )
● كلمة كافر وكفار وكافرين هي كذلك من الكلمات التي حرفها إبليس عن معناها الحقيقي.
والحمد لله القرآن لا يخيب من جاءه باحثا عن الحق. بالبحث نجد المعنى الأصلي للكفر والكفار. في الآية الأولى لم تختلف المعاجم في معنى كفار، وهم الزراع، يسمون كفارا لأنهم يَكْفِرون البذرة تحت التراب، أي يُغَطُّنها ويُخْفونها تحت التراب،
الكفر هو التغطية في المعنى اللساني الأصيل للكلمة، لكنها كلمة متغيرة جدا، ويجب عليك كمتدبر للقرآن أن تسأل دائما السؤال التالي كلما وجدت كلمة كفار، كافرين، يكفرون...
والسؤال هو : يكفرون بماذا، يخفون ماذا، ينكرون ماذا...
لأن هناك كفر محمود، كالكفر بالطاغوت،
لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( البقرة 256 )
أي من لم يتبع العقل الجمعي والكبراء والسادة والمذهب والرأي السائد، من لم يتبع كل هذا في الإعتداء على الناس والحقوق، وآمن الناس مستعينا بالله ومنحهم الأمان، ولم يعتد عليهم مستعينا بالله في كل ذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى،
يمكنك قراءة درس الإيمان من هنا
https://mosaid.xyz/blogs/1-%D8%AF%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A.html
وَمَا يَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلْمُتَّقِينَ ( آل عمران 115 )
وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةً لِّيَكُونُوا۟ لَهُمْ عِزًّا ( 81 ) • كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ( 82 ) • ( مريم الآيات 81-82 )
هذه الآيات تبين معنى الكفر بشكل واضح، في الآية 115 من آل عمران، الناس لن يُكْفَروا أعمالهم، أي لن تُغطّى أو تُنْقَص أو يتم التنكر لها.
وفي الآية 82 من سورة مريم، يقول الله سبحانه وتعالى أن المشركين الذين اتخذوا آلهة يبتغون عندهم العزة، يوم القيامة سيتنكرون لعبادتهم أي لإتِّباعهم لهم. وهناك آيات كثيرة في الجدال يوم القيامة بين التابعين والمتبوعين . هذه آية مهمة جدا لأن التراث دائما يفسر الآلهة بالأصنام، في حين أن الآية تتكلم عن الكبراء والسادة ،
ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ( النساء 139 )
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَٰرِدُونَ ( الأنبياء 98 )
لا يعقل أن الأصنام سترمى في جهنم، الأصنام حجارة تعبد الله، ولا ذنب لها إذا كان المشركون يعبدونهم، ولا يمكننا أن تخيل أن الذين يعبدون عيسى عليه السلام سيلقون في جهنم هم وعيسى عليه السلام، إنها آلهة من البشر، الكبراء والسادة ، الذين يسميهم الله الطاغوت. في صالح إبليس وجنوده أن يجعلنا نفكر في الأصنام كلما قرأنا هذه الآيات، خصوصا أن لها تأثير كبير وأسرار عظيمة عندما نتدبرها مع مثيلاتها.
نعود للأية 82 من سورة مريم، سيكفرون بعبادتهم أي سيتنكرون لهم وسيتبرأون منهم . كل تنكر لشيء أو طمسه وإخفاءه يسمى كفرا له.
في الأصل كما قلنا، الكفر هو التغطية، لكن قد تأتي بمعنى تعطيل أو عدم الإستعمال.
{ قَالَ ٱلَّذِی عِندَهُۥ عِلۡمࣱ مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن یَرۡتَدَّ إِلَیۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبۡلُوَنِیۤ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیࣱّ كَرِیمࣱ }
[سُورَةُ النَّمۡلِ: ٤٠]
جاء فعل كَفَرَ في مقابل شَكَرَ.
والشكر هو تفعيل نعم الله الحسية كالسمع والبصر والعقل. والشكر هو أكبر غايات القرآن الكريم. وسأكتب عن الشكر قريبا ان شاء الله.
إذن الكفر في هذه الآية هو تعطيل نعم الله وعدم تفعيلها.
والكفر بالآيات هو عدم تطبيقها أو إخفائها أو طمس معانيها. وما أكثر هذا الكفر في المسلمين. يمر على الآيات التي تصف القرآن بأنه مفصل وأن الله تكفل بحفظه وتبيانه ، لكنه يطمسها ويكفر بها لأن التراث والمذهب قال له إن القرآن مُجمل وغير مفصل بل إن السنة هي التي تبينه وتفصله. هذا نوع من أنواع الكفر
وهناك آيات كثيرة جدا بهذا المعنى، لكن إبليس لكي يغطي هذا المعنى ويحرفه في عقول الناس، أوهمنا أن كلمة الكافرين في القرآن دائما تعود على كفار قريش.
لكي نبين زيف هذا المعنى سنأخذ هذا المثال :
فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ( 36 ) • عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ ( 37 ) • أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ( 38 ) • كَلَّآ ۖ إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ( 39 ) • فَلَآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَـٰرِقِ وَٱلْمَغَـٰرِبِ إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ ( 40 ) • عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ( 41 ) • فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا۟ وَيَلْعَبُوا۟ حَتَّىٰ يُلَـٰقُوا۟ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ ( 42 ) • يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ ( 43 ) • خَـٰشِعَةً أَبْصَـٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِى كَانُوا۟ يُوعَدُونَ ( 44 ) • ( المعارج الآيات 36-44 )
وصفهم الله بأنهم مهطعين أي خافضين رؤوسهم وجالسين قِبَلَ رسول الله وحوله عن اليمين والشمال ، فهل يُعقَل أن الكفار الخالصين كانوا يجلسون حول رسول الله، بل إنهم يحاربونه ولا يستمعون إليه ويحاربونه، وحتى إن أرادوا السماع لما يقوله، يرسلون أحد كبراءهم كالوليد بن عتبة. ثم إن القرآن يقول أنهم يطمعون أن يدخلوا الجنة. لأنهم في ظنهم قد سبقوا بالإسلام للرسول. هذه الآيات من سورة المعارج فيها من الأسرار والكنوز الكثير، أولها أن الله سبحانه وتعالى لا يتوسل إسلام الناس، حتى في بداية الدعوة بل العكس تماما، يتوعد بعضا من السباقين للإسلام بجهنم. لأن الويلات ستأتي منهم. وهذا موضوع آخر ولو إستقصينا الآيات التي تتكلم عن بعض الأكابر، وسبحان الله وإن لم يذكر الله الأسماء في بعض أحداث السيرة، إلا أن الله فضحهم لأن الروايات التي تُذْكَرُ في بعضهم على سبيل المدح والتبجيل لهم . عند تجميعها وعرضها على القرآن تلون صورة مغايرة تماما. والنتائج كما أٌقول دائما كفيلة بأن يُصابَ السلفيون بجلطات ذماغية.
إذا كما بينا سابقا الكفر هو التغطية والجحود و منه كفر النعمة أي التنكر لها وجحودها
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ ۚ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ( النحل 72 )
إن كلمة كافر ووسم الناس بالكفر، من الصفحات المظلمة في تراثنا، وحان الوقت لكي نتخلص منها. ليس هناك شيء يسمى هذا كافر وجب عليه الحد، الكفر هو التغطية بعلم والجحود بعلم تام لا يقبل الشك
لا يحق لأحد أن يقول إن الغرب كفار، يكفرون بماذا، ويُنْكِرون ماذا، هل رأوا الحق حقا ثم أنكروه،
إن الله لما يصف الكافرين يصفة الكافرين، هذا لأنهم يعلمون الحق ثم يخفونه جحودا وكبرا وعلوا.
بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَـٰتِى فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ ( الزمر 59 )
وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَـٰبٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا۟ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِۦ ۚ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ (البقرة 89)
وعندما تصف أنت شخصا بأنه كافر ولم تحمل نفسك عناء السؤال، كفر بماذا، هل رآه حقا واستيقن وبان له ثم جحده وغطاه وأخفاه ( كَفَرَهُ أو كفر به ) ؟.
عندما يكفر أحدهم بكروية الأرض، هذا يسمى كفرا لأن الأدلة الرياضية والتجريبية دامغة في هذا الموضوع، والكفر به جحود فقط، ومع ذلك تبقى إمكانية أن الصورة غير واضحة عنده ، وبما أننا لا نستطيع أن نشق على صدره، فهل يحق لنا أن نصفه بأنه جاحد وكافر بكروية الأرض.؟
وحتى لو رمينا الناس بالكفر بشيء ما، وقلنا فلان يكفر بالقرآن فيخفي كونه كاملا وتبيانا لكل شيء، فهذا لا يعدو كونه صفة لفعله، لا يترتب عنه لا حد ردة ولا مقاطعة إجتماعية ولا أي شيء، هذا لأننا نُصَدق ونعتقد أن دين الله فيه من الحرية ما يبلغ عنان السماء.
تجد هنا مزيدا من الدروس القرآنية —