من نقل القرآن الينا
يسألني صديقي التراثي : ( أتباع الوحي الثاني ) كيف وصلنا القرآن ؟ اليس من نقلوا القرآن هم نفسهم من نقلوا لنا الحديث ؟ ! فكيف تصدقهم في نقل القرآن و تكذبهم في نقل الحديث ؟ أولا يا صديقي دعني أوضح و أشرح كلامك هذا ! فأنت تريد القول أنه لا فرق بين كلام الله و كلام البشر ! و بهذا و ربما من دون شعور تريد التبخيس من كلام الله ، و تجعله مثل أي كلام بشري......و هذا شيئ خطير جدا ! ثانيا دعني أذكرك بأن كتاب الله مصداقيته في مضمونه و محتواه و لا علاقة للأمر بمن نقلوه و الله نفسه يؤكد ذلك في كتابه . تابع معي هذه الآيات :
(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)(النساء/82)
فعلى مر التاريخ لم يسلم كتاب واحد من التحريف بالزيادة و النقصان ، بقصد او بدون قصد و لنا في كتب الديانات السابقة(المسيحية ، اليهودية) العبرة في ذلك ، و منه ، فإذا كانت جميع نسخ القرآن الكريم المنتشرة في انحاء كوكب الارض عند جميع الشعوب بإختلاف لهجاتها و ثقافتها متطابقة و متماثلة شكلا و مضمونا بعد حوالي 1500 سنة من نزوله على الرسول محمد عليه السلام فهذا الكتاب الذي بين ايدينا قطعا هو من عند الله ، و الكلام الذي بداخله حصرا هو كلام الله و هذه معجزة حقيقة نراها بأعيننا .
ثم هل توجد آية واحدة في كتاب الله متصلة السند و اخرى مقطوعة السند ؟ هل توجد آية واحدة صحيحة او موضوعة او ضعيفة ؟ القرآن بعيد تمام البعد عن هذه التصنيفات البشرية التي تحتمل الصواب و الخطأ ، فالقرآن صحيح آية آية .مالكم لا ترجون لله الوقار ؟
ثم قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(هود/13)
ثم يقول سبحانه :(وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)( البقرة/23 ) .
ماذا نستنتج من هذه الآيات الثلاثة ؟ نستنتج أن الله سبحانه تكلم و تحدث عن صدق المضمون و المحتوى و لم يتكلم قط عن الناقل بل و تحدى الناس كلهم بأن يدعوا من استطاعوا لياتوا بمثله و لن يستطيعوا أبدا .
👈إذا اراد الله ان يورث الكتاب ، هل يحتاج رب العزة لإنسان صالح ؟
الجواب هو قطعا لا ، رب العزة ليس بحاجة لإنسان صالح كي يورث كتابه ، بل الله يورثه رغما عن انف الانسان صالحا كان او فاسدا ولو كانت مشيئة الله أن ينقله لنا إبليس نفسه لكان أمرا مقضيا . .....و أمام استحالة تحريفه فقد صنعوا لنا دينا موازيا أسميه شخصيا " دين حدثنا " مبني على الظنون و الأوهام و الباطل ، و إذا كنت يا صديقي تعتقد بصحة القرآن لمجرد ثقتك في أن الأشخاص الذين نقلوه لك كانوا صادقين و انت لا تعرفهم و ليس لأنك لمست مصداقيته في قلبك و على ارض الواقع فراجع عقيدتك من الأساس .... فالنبي نفسه كان من حوله الكثير من المنافقين و لم يكن يعلم بهم .
ثالثا و حتى لو سايرناك في هذه المغالطة الكبيرة فيمكن القول أن من نقلوا القرآن ليسوا بالضرورة هم من نقلوا الحديث ، القرآن كان محفوظا في حياة الرسول و تحت إشرافه و إذا رجعنا للآلية التي نقل بها القرآن و الآلية التي نقل الحديث فالقرآن وصل حفظا من الله ،
وليس لأحد الفضل على ربه في إيصال كتابه وحفظه
و إني اتحدى كل سني سلفي وهابي اخواني و غيرهم ان يعطوني سند لآية واحدة فقط من القرآن الكريم ؟
ثم يا صديقي العزيز اذا صدقناك و قلنا ان الصحابة و الشيوخ و رجال الدين هم من حفظو القرآن و جمعوه و نقلوه الينا فنحن بذلك نكفر بالآيات القرآنية التي تقول ان الله هو من تعهد بحفظه و جمعه و بيانه :
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: الحجر (9).
وقال تعالى:( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (فصلت:42)
و قال ايضا :(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ(19) [سورة القيامة]
وقال ايضا :(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ**فِي لَوْحٍ مَحْفُوظْ)(سورة البروج)
... ولا توجد مقارنة في الاستدلال من الأصل ... فالقرآن كله جملة واحدة صحيح آية آية ... ولا تستطيع أن تفرق من روى هذه الآية ، ومن روى هذه الآية .
الخلاصة :
اعتمادا على ما سبق فقد بحثت في القرآن كله عن اي خطأ او سهو او اي تناقض او معلومة مغلوطة تعارض العلم و المنطق و الفطرة السليمة فلم اجد ايا من ذلك
فآمنت بأن هذا الكتاب هو من عند الله ، و لو وجدت غير ذلك لكنت اول الكافرين به ، فأنا لدي شخصية منطقية سليمة و لا اهتم للمجتمع او للوسط الذي ولدت فيه، فالانسان مطالب بالبحث عن الحق و اتباعه ايا كان مصدره .
منقول
تجد هنا مزيدا من الدروس القرآنية —