قراءة في سورة العلق
﴿بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ (1)• خَلَقَ ٱلْإِنسَـٰنَ مِنْ عَلَقٍ (2)• ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلْأَكْرَمُ (3)• ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ (4)• عَلَّمَ ٱلْإِنسَـٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)• كَلَّآ إِنَّ ٱلْإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰٓ (6)• أَن رَّءَاهُ ٱسْتَغْنَىٰٓ (7)• إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰٓ (8)• أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ (9)• عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰٓ (10)• أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلْهُدَىٰٓ (11)• أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰٓ (12)• أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ (13)• أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ (14)• كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًۢا بِٱلنَّاصِيَةِ (15)• نَاصِيَةٍ كَـٰذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)• فَلْيَدْعُ نَادِيَهُۥ (17)• سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ (18)• كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب ۩ (19)• ﴾ (العلق الآيات 1-19)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
أنظروا كيف كان السابقون يستخفون بعقولنا، وأعني بالسابقين الذين كتبوا السير ومَن بعدهم. اما من قبلهم فكانوا أذكى من أن يفعلوا هذا.
قالوا لنا جاء جبريل نبي الله محمد وقال له إقرأ، بمعنى انطق الحروف، فهل جاء جبريل بكتاب مسطور وقدمه للنبي؟ في لسان الأولين وهو لسان القرآن كذلك كان المفروض أن يقول له أُتْلُ. كما تكرر هذا الفعل عدة مرات في القرآن.
تعمدت أن أضع العنوان "قِراءة في سورة العلق" وأضفت حرف الجر اضطرارا لأن العجمة أصبحت طاغية على لغتنا، ولو لم أضف حرف الجر "في" لفهم القارئ (بمعنى الذي يتلو هذه الحروف) أني أعني تلاوة سورة العلق. ألم أقل لكم أن العجمة لا مفر منها. وكل ذلك بفعل إبليس وجنوده في رأيي وهذا موضوع آخر.
قراءة سورة العلق يعني تدبرها ومحاولة فهمها وتحليلها واستخراج معانيها وإظهارها. إذا عندما نفهم معنى كلمة "إقرأ" ولأننا ننفي العبث عن الله سبحانه وتعالى ورسله. قد نستنتج أن هذه السورة قطعا ليست أول ما نزل من القرآن لعدة اعتبارات.
1. إبتداءا من فهم كلمة إقرأ، فالله سبحانه يدعو نبيه أن يبين ويفسر ويحلل (أفضل كلمة هي ان تقول يقرأ) ما أُنزِلَ اليه وهذا يعني أن هناك بعض القرآن قد أنزل من قبل.
2. في سورة العلق نجد كلاما عن شخص معين ينهى رسول الله عن الصلاة وتكرر منه هذا الأذى حتى جاء التهديد من الله تعالى ﴿كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًۢا بِٱلنَّاصِيَةِ﴾ (العلق 15). من البديهي أن تهديد رب العالمين لن يكون من الدقيقة الأولى للدعوة، لابد أن يكون بعد تكرار كثير كان بعد أن أصبح رسول الله يجهر بصلاته أي دعوته، على الأقل بعد سورة الشعراء يمراحل وسنين حيث كان رسول الله يدعو عشيرته الأقربين.
3. وردت الدعوة بالسجود لرسول الله مباشرة بالفعل "أسجد" مرتين في القرآن الكريم ، وهي دعوة لرسول الله أن يخضع لأمر الله ويمثثل، وهذا دليل في رأيي أن هذه السورة وسورة الإنسان التي ورد فيها فعل أسجد لرسول الله هما من بدايات نزول الوحي لكن ليست الأولى، لربما كانت الدعوة ثقيلة على رسول الله ﴿إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ (المزمل 5) خصوصا بعد الجهر بالدعوة وأمام إعراض قريش وإيذائها له. فجاءته الدعوة للسجود. وبعد ذلك أصبح رسول الله ساجدا ممتثلا لرسالة الله وصابرا على أذى الكفار . وانظروا الموقع الثاني الذي يأمر الله سبحانه وتعالى نبيه بالسجود،
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ تَنزِيلًا (23)• فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)• وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)• وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُۥ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)• إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)• ﴾ (الإنسان الآيات 23-27)
يأتي في خضم معاندة الكفار وأذيتهم .
كانت نيتي في يداية كتابة هذا الدرس أن أتكلم على الصلاة وأن هذه السورة دليل على بطلان الصلاة الحركية.
كيف يُعقَل أن ينهى شخص شخصا آخر عن الصلاة الحركية، ونحن في بداية الدعوة، إن افترضنا جدلا انها حركية، ألم يكن بالإمكان إقامتها داخل البيوت. ألم يقل الله لموسى وهارون أن يتخدوا بيوتهم قبلة لإقامة الصلاة، بالطبع الصلاة في القرآن هي مجلس الذكر والدعوة، في حالة موسى كان من المستحيل تحت وطأة ظلم فرعون وجنوده أن يقوم موسى بمجالس الذكر على الملأ ، فكان توجيه الله له أن يقوم بها في بيته. أما رسول الله فجاءه الله بالدعوة جهارا، هذه الدعوة هي الصلاة بالمعنى القرآني وهذا ما بيناه كثيرا سابقا. في درس الصلاة
وكيف تكون الصلاة الحركية في بداية الدعوة ، وكيف يكون وضوءها وآيات الوضوء كما سموه نزلت في السنة السادسة للهجرة.؟
خلاصة القول الصلاة التي كان يقيمها رسول الله هي مجالس الدعوة، وكان هناك شخص كثير العداء والإيذاء لرسول الله يمنعه من مجالس الذكر ربما بالتشغيب عليها أو شيء من هذا القبيل، ولا استبعد أن يكون هو الأعمى (عمى البصيرة) الذي لما جاء رسولَ الله عبس في وجهه لأنه ألِفَ منه الأذى.
تجد هنا مزيدا من الدروس القرآنية —